السجناء السياسيون في إيران... إنكار رسمي ومقاومة شعبية
أكدت الناشطة في مجال حقوق الإنسان شيوا محبوبي، أن الناشطات المعتقلات قدّمن إنجازات كبيرة في الدفاع عن حقوق الإنسان، مشددةً على أن السلطات الإيرانية يجب أن تعي بأن موجة الاحتجاجات باتت تتجاوز أسوار السجون، ولا يمكنه الاستمرار في تجاهلها.
شهلا محمدي
مركز الأخبار ـ خلال الأيام القليلة الماضية، تم مرة أخرى تأييد حكم الإعدام بحق الناشطة شريفة محمدي من قبل الفرع 39 في المحكمة العليا، وهي المحكمة التي كانت قد نقضت سابقاً حكم الإعدام الصادر بحقها.
تشهد السجون الإيرانية، مثل قزل حصار وقرتشك، أوضاعاً متدهورة خاصة بعد نقل معتقلين من سجن إيفين عقب الهجمات الإسرائيلية، حيث يُحرمون من أبسط الحقوق، وعدد من السجناء السياسيين، بينهم بخشان عزيزي ووريشة مرادي، يواجهون خطر الإعدام وسط استمرار حملة "الثلاثاء لا للإعدام" في أكثر من أربعين سجناً، ويأتي ذلك في الوقت الذي أنكر فيه رئيس السلطة القضائية في إيران وجود سجناء سياسيين في السجون الإيرانية.
وفي سياق ذلك وحول الأسباب الكامنة وراء إنكار النظام الإيراني لوجود سجناء سياسيين خاصة على المستوى الدولي، تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان شيوا محبوبي "تنكر إيران وجود سجناء سياسيين في البلاد، فعندما يُقال إن شخصاً ما مسجون بتهمة قتل أحد عناصر الباسيج أو التجسس أو العمل ضد قوانين السلطات الإيرانية، يكون ذلك أكثر قابلية للتبرير بالنسبة للنظام، وغالباً ما يُطلق عليهم اسم "سجناء أمنيين"، لأن اعتراف النظام بوجود سجناء سياسيين يحمل دلالة خاصة عالمياً، أي أن الشخص سُجن بسبب نشاطه في التنظيم أو التعبير عن الرأي أو الدفاع عن حقوق الإنسان، ولهذا يسعى النظام إلى إنكار وجودهم".
وأضافت "نلاحظ في السنوات الأخيرة أن العديد من السجناء السياسيين تم نقلهم إلى أقسام الجرائم العامة، وأحد أهداف النظام في تدمير سجن إيفين بالكامل هو هذا الأمر تحديداً، ومن النظرة العامة، يتضح أن السلطات الإيرانية تعيش حالة من الخوف، لأنه لو لم تكن خائفة لما أنكرت، وهذا الأمر شائع حتى في الأنظمة الأخرى، لأنها لا تملك الحق في سجن أحد بسبب احتجاجه أو تعبيره عن رأيه".
وحول أهمية الاحتجاجات الشعبية داخل إيران، وكذلك عدم فعالية الرسائل التي يكتبها أفراد مرتبطون بالسلطات أوضحت إن "الضغط الداخلي الفعّال هو احتجاج الشعب، أما الرسالة التي يكتبها البعض فلا يمكن أن تكون احتجاجاً فعّالاً، أولاً، فيما يتعلق بشريفة محمدي، وبحسب ما قاله محاميها، فإن ملفها يحتوي على نفس القضايا ولم يتغير شيء، ومع ذلك تم إصدار نفس الحكم، وفقاً للقوانين العالمية، عندما يُعاد النظر في قضية ما، يجب تقييمه من مختلف الجوانب، لكن حتى النقاش حول ما إذا كانت قوانين النظام الإيراني منطبقة ليس هو الموضوع، لأن هناك قائمة تم تقديمها وقيل إنه يجب الحكم على هؤلاء بالسجن المؤبد، في حين أن هؤلاء الأشخاص لا ينبغي أن يقضوا يوماً واحداً في السجن".
وعن قضية شريفة محمدي، بخشان عزيزي ووريشة مرادي قالت شيوا محبوبي "على سبيل المثال، شريفة محمدي كانت ناشطة، وفي أي مكان في العالم حيث توجد معايير، يتم تكريمها، أو مثلاً بخشان عزيزي ووريشة مرادي قدمتا أعمالاً رائعة للبشرية وحقوق الإنسان، وبالتالي لا ينبغي أن يكونا في السجن، لكنهما تعرضتا للاختفاء القسري، والتعذيب، والآن حكم عليهما بالإعدام".
دور الاحتجاجات الدولية في وقف الإعدامات
وعن تأثير الاحتجاجات الدولية على الأحكام الصادرة قالت "في قضية حكم الإعدام الصادر بحق شريفة محمدي، عندما احتجت الاتحادات الكبرى في العالم وطالبت بإلغاء إعدامها، تراجع النظام قليلاً، لكنه يعيد طرح هذه الإعدامات مرة أخرى، لأن الاحتجاجات يجب أن تكون على مستوى يدفعه للتراجع، فكل مرة يُعلن فيها حكم بالإعدام تحدث احتجاجات، ثم تخف هذه الاحتجاجات، وهذا النوع من الاحتجاج لا يمكن أن يكون فعالاً جداً، لأن النظام يقيم الوضع ويتصرف بناءً عليه".
وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها لجنة حرية السجناء السياسيين، أوضحت "هناك الآن عدد كبير من الأشخاص في السجون، فعلى سبيل المثال، تقوم لجنة حرية السجناء السياسيين بنشر قائمة أسبوعية بأسماء السجناء المحكوم عليهم بالإعدام أو المعرضين لخطر الإعدام، بهدف جذب الانتباه، ولكن عندما يحدث ذلك، يجب أن تكون هناك احتجاجات أكبر".
وعن الاحتجاجات التي اندلعت في سجن قزل حصار، أشارت إلى أن السجناء تعرضوا لهجوم في 27 تموز/يوليو الماضي، وبعد إعادة عدد من السجناء من فشافويه إلى إيفين، أطلق السجناء حملة بعنوان "أنا أيضاً سجين سياسي" رداً على تصريح السلطات الإيرانية بأنه "لا يوجد سجناء سياسيون".
وأكدت أن الاحتجاجات يجب أن تكون مستمرة، واسعة وشاملة، مشيرةً إلى أن حملة "الثلاثاء لا للإعدام" مستمرة منذ أكثر من عام، وأن أحد أهداف السلطات الإيرانية من الهجوم على سجن قزل حصار كان إنهاء هذه الحملة "ماذا نفعل لدعم هؤلاء السجناء؟ يجب أن تدرك السلطات أن الاحتجاجات لا تقتصر على السجون، بل تمتد إلى المجتمع، ولا يمكنه تجاهلها".
الوضع الحرج للسجينات السياسيات في قرتشك وقزل حصار
ولفتت إلى أن لجنة حرية السجناء السياسيين أصدرت مؤخراً تقريراً مفصلاً حول سجني فشافويه وقرتشك، يسلط الضوء خلاله على أوضاع السجينات السياسيات، وأرسلته إلى المنظمات الدولية.
وأكدت أن السجينات يعانين من ظروف سيئة للغاية، وأن الأخبار المتعلقة بهن لا تحظى بتغطية كافية في وسائل الإعلام الكبرى، رغم خطورة الوضع، مشيرةً إلى أن السجينات يعانين من أوضاع صحية متدهورة، وهناك خطر كبير أن تصبن بأمراض خطيرة، كما تُركت المصابات بأمراض مثل السرطان دون علاج، بينما أُفرج بشكل مؤقت عن راحلة راحمي بسبب حالتها الصحية الحرجة، لكن وضع السجينات لا يزال غير واضح، ولم يُبلغن ما إذا كن سيعدن إلى سجن إيفين أم لا.
"الثلاثاء لا للإعدام" صوت السجناء
ولفتت شيوا محبوبي الانتباه إلى أن حملة "الثلاثاء لا للإعدام" حركة احتجاجية داخل السجون منتشرة في جميع أنحاء البلاد، مشيرةً إلى أنه أحياناً يقف أفراد من عائلات السجناء وبعض النشطاء أمام بعض السجون دعماً لهذه الحملة.
وأكدت أن الوقت قد حان ليقوم النشطاء المدنيون والفاعلون في مختلف المجالات بدعم هذه الاحتجاجات، ومثالاً على ذلك، ما قام به "مجلس التنسيق الوطني لنقابات المعلمين" من إطلاق حملة دعماً للسجناء السياسيين، وتعتبر ذلك خطوة مهمة.
ونوهت إلى أنه في الخارج هناك حرية أكبر للتواصل مع النقابات والتنظيمات المختلفة وطلب دعمهم لحملة "الثلاثاء لا للإعدام"، لكن في الداخل فإن الاحتجاجات والتجمعات الشعبية هي الأكثر تأثيراً.
كيف نوصل صوت السجناء إلى العالم؟
وفي ختام حديثها، تناولت شيوا محبوبي الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها التنظيمات المختلفة لإيصال صوت السجناء السياسيين "نحن في "لجنة حرية السجناء السياسيين" وشبكة "الحرية للسجناء السياسيين والدينيين" قمنا بنشر تقارير وإرسال رسائل إلى الحكومات والمنظمات الدولية للفت انتباههم إلى وضع السجناء في إيران"، مشددةً على أهمية التركيز على وضع السجناء المحرومين من العلاج، وكتابة رسائل إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة واللجنة المعنية بتقصي الحقائق، وعقد لقاءات مع الحكومات، وتنظيم اعتصامات أمام البرلمانات، والتواصل مع النقابات العمالية وتنظيمات من دول مختلفة، كطرق فعالة لإيصال صوت السجناء السياسيين إلى الرأي العام العالمي.